قالت شبكة CNN الأمريكية في العشرين من الشهر الجاري، إن علماء المركز الوطني السويدي للعلوم البيولوجية الجزيئية تمكنوا لأول مرة من عزل وتسلسل الحمض النووي الريبوزي من نوع منقرض - نمر تسمانيا (المعروف أيضًا باسم ذئب الجراب). ورغم أن العديد من المؤيدين لهذه الخطوة يعتبرونها تقدمًا كبيرًا، إلا أن المجتمع العلمي لا يزال يعارض فكرة "إحياء الحيوانات المنقرضة". ورغم أن العديد من المؤيدين يعتبرون هذا تقدمًا كبيرًا، فقد كان هناك جدل كبير في المجتمع العلمي حول الحاجة إلى "إحياء الحيوانات المنقرضة".
أول عزل للحمض النووي الريبوزي من حيوان منقرض
وفقًا لشبكة CNN، نفق آخر نمر تسماني في حديقة حيوانات عام ١٩٣٦، وانقرض هذا النوع منذ ذلك الحين. لكن علماء سويديين نجحوا في عزل الحمض النووي الريبوزي (RNA) من عينة عمرها ١٣٠ عامًا من نمر تسمانيا، وتسلسله. وصرح إميليو سانشيز، كبير علماء المشروع، قائلاً: "يتيح لنا الحمض النووي الريبوزي (RNA) فرصةً لفحص الخلايا والأنسجة لمعرفة التركيب البيولوجي الحقيقي لما حُفظ قبل انقراض نمر تسمانيا". وذكر التقرير أن هذا الاكتشاف سيسمح للعلماء بفهم أفضل لكيفية عمل جينات هذا الحيوان، مما يُسهم في جهود إعادته إلى الحياة.
النمر التسماني
إن محاولة إحياء نمر تسمانيا لا تتطلب فهمًا شاملًا لحمضه النووي فحسب، بل تتطلب أيضًا فهمًا شاملًا لكيفية عمل ديناميكيات التعبير الجيني وتنظيم الجينات الخاصة بكل نسيج، وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا من خلال دراسة الحمض النووي الريبوزي (RNA). وقد تمكن الباحثون من تحديد جينات محددة من خلال تسلسل الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين (RNA) من الجلد وأنسجة العضلات الهيكلية في عينات نمر تسمانيا. لكن محاولة القيام بذلك ليست بالأمر السهل؛ إذ يبدأ الحمض النووي الريبوزي (DNA) بالتحلل بعد موت الحيوان، ولا يمكن حفظه إلا لحوالي 1.5 مليون سنة حتى في البيئة الأكثر ملاءمة، بينما يُعد الحمض النووي الريبوزي (RNA) أكثر هشاشة ويتحلل بشكل أسرع من الحمض النووي الريبوزي (DNA)، الذي كان العلماء يعتقدون سابقًا أنه لا يمكن حفظه لفترة أطول. ويسلط التقرير الضوء على أن هذه هي المرة الأولى التي يعزل فيها علماء الأحياء الحمض النووي الريبوزي (RNA) ويفككونه من كائن منقرض منذ زمن طويل.
هناك العديد من الأفكار لإحياء الحيوانات المنقرضة
يذكر التقرير أيضًا أن فريقًا من الباحثين بقيادة البروفيسور أندرو باسك من جامعة ملبورن يسعى لإعادة إحياء نمر تسمانيا. يتضمن المشروع عدة خطوات معقدة، تتضمن تقنيات علمية متطورة مثل تعديل الجينات والأرحام الاصطناعية. ووفقًا للتقرير، سيبدأ الفريق بتسلسل الحمض النووي لهذا الحيوان المنقرض بالتفصيل ومقارنته بقريبه القريب، وهو حيوان جرابي لاحم بحجم الفأر، وهو البنغول، لتحديد الاختلافات. يوضح باشكي: "سنأخذ بعد ذلك خلايا حية من البنغول ونعدل كل نقطة من نقاط اختلاف حمضه النووي عن حمض نمر تسمانيا من خلال تعديل الجينات. نحن في الأساس نعدل خلايا ابن عرس الكيس إلى خلايا نمر تسمانيا". بمجرد أن يُكمل الفريق بنجاح تعديل الجينات على الخلايا، سيتم "إعادتها إلى حيوانات حية" من خلال الخلايا الجذعية وتقنيات الإنجاب المساعد. قال إنه على الرغم من أن الجرابيات أصغر بكثير من نمور تسمانيا، إلا أن صغر حجم صغار الجرابيات يعني أن حتى الجرابيات بحجم الفأر يمكن أن تكون بمثابة أمهات بديلات لجرابيات أكبر بكثير مثل نمور تسمانيا. وأضاف: "هدفنا النهائي من هذه التقنية هو إعادة هذه الأنواع إلى البرية، حيث تلعب دورًا حيويًا للغاية في النظام البيئي. نأمل أن نراها مرة أخرى في أدغال تسمانيا يومًا ما".
يُوصف الاستنساخ بأنه من أكثر الأفكار شيوعًا لإحياء الحيوانات المنقرضة. ويتوقع العلماء أنه بمجرد نجاح إحياء نمر تسمانيا، ستُجرى تجارب على حيوانات ما قبل التاريخ، مثل الماموث الأكبر حجمًا، في المستقبل.مع ذلك، يشير التقرير إلى وجود قيدٍ بالغ الأهمية على هذا النوع من التكنولوجيا، فهو لا ينطبق إلا على الأنواع المهددة بالانقراض أو المنقرضة حديثًا. انقرضت الديناصورات قبل 65 مليون سنة، لذا لا يمكن إعادتها للحياة بهذه الطريقة كما في الفيلم.
هناك طريقة أخرى لإعادة الحيوانات المنقرضة إلى الحياة تُعرف باسم "التربية الانحدارية"، والتي تتضمن تحديد الأنواع الموجودة التي تشترك في خصائص مشابهة مع الأنواع المنقرضة، ثم تربيتها انتقائيًا لإنتاج ذرية أقرب إلى النوع المنقرض. يستخدم العلماء حاليًا التربية الانتقائية لإنتاج نوع ذي خصائص مشابهة جدًا لخصائص البقرة البدائية الأوروبية المنقرضة، وذلك من خلال فحص الأبقار الحديثة بحثًا عن التشابه الجيني من جيل إلى جيل.
بالإضافة إلى ذلك، يسعى علماء إلى الاستفادة من ظاهرة توارث السلالات الحيوانية، من خلال "الهندسة الوراثية العكسية"، لاستعادة خصائصها الأسلافية. على سبيل المثال، يُعتقد أن الطيور من نسل نوع من ديناصورات الثيروبود، لذا يستخدم العلماء "الهندسة الوراثية العكسية" لمحاولة إيقاظ جينات الديناصورات النائمة في أجسام الدجاج المنزلي الحديث، بحيث يُظهر الدجاج بعض خصائص الديناصورات. في عام ٢٠١٥، استخدم العلماء هذا النوع من التكنولوجيا الوراثية، مما أدى إلى نمو منقار للدجاج مشابه لمنقار الديناصورات.
هناك الكثير من الخلافات
ومع ذلك، ذكرت شبكة CNN أيضًا أن جميع المحاولات الحالية لإحياء الحيوانات المنقرضة لا تعدو أن تكون مجرد إنتاج نوع هجين يشبه إلى حد كبير حيوانًا منقرضًا. ويقر جيلبرت، مدير مركز التصوير المجسم التطوري التابع للمؤسسة الوطنية الدنماركية للأبحاث، بأنه من غير المرجح أن نتمكن من الحصول على تسلسلات الحمض النووي الكاملة للأنواع المنقرضة، ولن نتمكن أبدًا من تحديد مواقع الأنواع المفقودة، وسيتعين علينا استبدالها بحمض نووي لأقرب أقربائها، مما قد يؤدي إلى عواقب لا يمكن التنبؤ بها. "قد تُصاب الحيوانات الهجينة ذات العيوب الجينية بمشاكل صحية، وقد لا تتمكن من البقاء على قيد الحياة في الطبيعة دون مساعدة بشرية كبيرة".
في الوقت نفسه، عادةً ما تُخلط بقايا الحيوانات المنقرضة مع كائنات حية أخرى مجاورة، ما يُشكّل مشكلة تلوث الحمض النووي، الذي يُشكّل تحديًا في تحديد واختيار شظايا الحمض النووي التالفة للحيوانات المنقرضة. إضافةً إلى ذلك، فإنّ نضج التكنولوجيا الوراثية المعاصرة نفسها غير كافٍ؛ ففي عام ٢٠٠٣، أعاد علماء إسبان وفرنسيون إحياء ماعز بري منقرض لفترة وجيزة باستخدام تقنية استنساخ الأغنام. ومع ذلك، نفق الحمل بسبب آفات رئوية خلقية بعد سبع دقائق فقط من ولادته، وأصبح وعل البرانس أول "نوع ينقرض مرتين" في التاريخ.
ومع ذلك، يزعم أنصار إحياء الحيوانات المنقرضة أن الغرض الأساسي من هذا النوع من الأبحاث ليس مجرد إعادة بعض الحيوانات المنقرضة إلى الحياة، بل جذب انتباه الجمهور ودعمه للتكنولوجيا الحيوية، وبناء التكنولوجيا في عملية البحث التي يمكن استخدامها في المستقبل لتحسين صحة الإنسان، وأنواع الغذاء، وغيرها من المجالات.