يعتقد الكثير من مرضى السكري أن تراجع وظيفة جزر البنكرياس داءٌ لا شفاء منه. في الواقع، تُظهر العديد من الدراسات والبيانات المحلية والدولية إمكانية تأخير معدل تراجع وظيفة جزر البنكرياس أو حتى عكس مساره.
يمكن لأسلوب الحياة العلمي أن يُبطئ من معدل تدهور وظيفة جزر البنكرياس. في عام ١٩٨٦، أجرى البروفيسور بان شياورين من مستشفى الصداقة الصينية اليابانية، بالتعاون مع أكثر من ٥٠ فريقًا طبيًا في داتشينغ بمقاطعة هيلونغجيانغ، دراسة حول الوقاية من داء السكري باستخدام ثلاث استراتيجيات: النظام الغذائي، وممارسة الرياضة، والنظام الغذائي مع ممارسة الرياضة. أظهرت النتائج أن هذه الأساليب الثلاثة يمكن أن تُقلل بشكل كبير من الإصابة بداء السكري. وقد أثبت هذا بشكل غير مباشر أن أسلوب الحياة العلمي يُمكن أن يُحسّن... الأنسولين المقاومة وإبطاء معدل التراجع في وظيفة الجزر.
تستمر دراسة داتشينغ للوقاية من داء السكري منذ أكثر من 30 عامًا. توفي البروفيسور بان شياورين، لكن البروفيسور لي غوانغوي لا يزال يُجري فحوصاتٍ مستمرة على المرضى الذين عايشوا تلك الفترة. وقد وُجد أن معدل الإصابة بداء السكري ومضاعفاته بين من اتبعوا أسلوب حياةٍ صارمًا آنذاك لا يزال أقل منه بين من لم يتبعوا هذا الأسلوب.
في عام ٢٠١٤، أجرت المملكة المتحدة تجربةً عشوائيةً مُحكمةً لمدة عامين، شملت ٣٠٦ مشاركين مصابين بداء السكري دون مضاعفات، قُسِّموا إلى مجموعتين: مجموعة مُكثَّفة ومجموعة ضابطة. تحكَّمت المجموعة الأولى في نظامها الغذائي بدقة، حيث كان متوسط استهلاكها اليومي من الطعام يتراوح بين نصف وثلث المعدل الطبيعي، وساروا ١٥٠٠٠ خطوة يوميًا؛ بينما اتبعت المجموعة الضابطة نظامًا غذائيًا تقليديًا وممارسةً روتينيةً للتمارين الرياضية. أظهرت نتائج التجربة أن المجموعة المُكثَّفة فقدت وزنًا واستعادت وظيفة جزر البنكرياس لديها؛ بينما تراجعت وظيفة جزر البنكرياس لدى المجموعة الضابطة، وازداد وزنها.
اقترح البروفيسور وينغ جيان بينج من المستشفى التابع الأول لجامعة العلوم والتكنولوجيا في الصين أن العلاج المبكر بمضخة الأنسولين المكثفة لمرض السكري من النوع 2 يمكن أن يسمح لخلايا الجزر B بالتعافي إلى حد ما، وحتى تخفيف مرض السكري.
بالإضافة إلى التجارب السريرية الصارمة في الداخل والخارج، واجه جميع أطباء الغدد الصماء تقريبًا حالات في عملهم السريري حيث تمكن مرضى السكري أو مرضى السمنة السكرية الذين عالجوهم من التحكم في مستويات السكر في الدم دون دواء لمدة أشهر أو سنوات بعد التحكم الصارم في نسبة السكر في الدم، والالتزام بنظام غذائي معقول وممارسة الرياضة.
اقترح البروفيسور أكيلي من جامعة كولومبيا بالولايات المتحدة نظرية فقدان تمايز خلايا الجزر البائية، مشيرًا إلى أن خلايا الجزر البائية لدى مرضى السكري من النوع الثاني لا تموت تمامًا في المراحل المبكرة من المرض، بل تكون في حالة خمول مؤقت تحت تأثير عوامل مثل الإفراط في تناول الطعام، وقلة النشاط، والسمنة، والتوتر، وارتفاع سكر الدم. بعد تعديل هذه العوامل، يمكن لبعض خلايا الجزر البائية استعادة قدرتها على إفراز الأنسولين. وقد جذبت هذه النظرية انتباه العلماء.
كيفية حماية وظيفة الجزر بشكل فعال
اختر الأدوية التي تحمي وظيفة الجزر. تشمل الأدوية المعروفة حاليًا التي تحمي وظيفة الجزر الأنسولين، ومضادات مستقبلات GLP-1، ومثبطات SGLT-2، والميتفورمين، ومثبطات ألفا-غلوكوزيداز، والثيازوليدينديونات، وغيرها.
اختيار الطعام أو التغذية السليمة. الشرط الأساسي للسيطرة على داء السكري من خلال الطب الغذائي هو تنظيم التوازن الأيضي للطاقة، يليه حماية واستعادة وظيفة خلايا الجزر البائية، وتلبية الاحتياجات الفسيولوجية الخاصة. يُجمع الخبراء بوضوح على إمكانية استخدام مكملات غذائية خاصة مُثبتة الفعالية للتغذية السليمة، وضبط سكر الدم، وتخفيف العبء على خلايا الجزر البائية، وحماية وظائفها. يجب أن تتكون الأطعمة الأساسية من مزيج من الحبوب الخشنة والناعمة، ويُسهّل اتباع نظام غذائي غني بالحبوب الخشنة والخضراوات حماية وظائف خلايا الجزر.
ممارسة التمارين الرياضية المعتدلة.تسمح التمارين الرياضية بدخول المزيد من سكر الدم إلى الخلايا للاستخدام، مما يؤدي إلى خفض مستويات السكر في الدم، وتقليل مقاومة الأنسولين، وتحسين رد الفعل السام لفرط سكر الدم تجاه الخلايا البائية، وحماية وظيفة الجزر بشكل غير مباشر.
حضر مؤخرًا مريضان مصابان بالسكري إلى العيادة الخارجية لأمراض الغدد الصماء، السيد تشانغ والسيدة ليو. يبلغ السيد تشانغ من العمر 31 عامًا، ومؤشر كتلة الجسم لديه 26 كجم/م²، بينما تبلغ السيدة ليو من العمر 48 عامًا، ومؤشر كتلة الجسم لديه 24 كجم/م². كلاهما مصابان حديثًا بالسكري، لكن خطط علاجهما مختلفة.
الحالة 1: العلاج المكثف بالأنسولين حقق تحسنًا سريريًا في مرض السكري
عانى السيد تشانغ من جفاف في الفم وكثرة التبول لمدة ثلاثة أشهر، وبلغت نسبة سكر الدم الصائم في إصبعه 13.0 مليمول/لتر. حضر إلى المستشفى للتشخيص والعلاج، وأظهرت الفحوصات الإضافية أن نسبة سكر الدم الصائم 15.8 مليمول/لتر، ونسبة الهيموغلوبين السكري التراكمي 12.4%، ونسبة دهون الدم: الكوليسترول 5.4 مليمول/لتر، والدهون الثلاثية 2.6 مليمول/لتر، وكوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة 3.6 مليمول/لتر، وكوليسترول البروتين الدهني عالي الكثافة 0.9 مليمول/لتر. أظهر الفحص الروتيني للبول وجود سكر في البول، ونسبة ببتيد سي الصائم 0.27 مليمول/لتر. لم تكن وظائف الكبد والكلى طبيعية بشكل ملحوظ.
ومن نتائج الاختبار، يمكن ملاحظة أن نسبة السكر في دم السيد تشانغ كانت مرتفعة بشكل كبير، وكان يعاني من اضطرابات الدهون وكان يعاني من السمنة.
وبناءً على حالة السيد تشانغ في ذلك الوقت، كانت خطة العلاج لدينا هي إعطاء علاج مكثف بالأنسولين بشكل مؤقت.
عندما علم السيد تشانغ بحاجته إلى الأنسولين، رفض بشدة، قائلاً إنه في الثلاثينيات من عمره فقط، ولا يشعر بسوء شديد، وحالته ليست خطيرة بما يكفي لاحتياج الأنسولين. علاوة على ذلك، إذا بدأ باستخدام الأنسولين الآن، فسيضطر إلى استخدامه مدى الحياة، كما فعل العديد من مرضى السكري من حوله.
لفهم خطة العلاج الحالية للسيد تشانغ، استخدم الطبيب تشبيهًا له: قارن خلاياه الجزرية البائية بحصان يعاني من الخمول والإرهاق نتيجة عمله الشاق لسنوات طويلة على طرق رديئة (بسبب ارتفاع نسبة الجلوكوز والدهون). لتحسين أداء الحصان، فإن الطريقة الأكثر فعالية ليست مجرد إطعامه كمية كافية من الطعام، أو استبدال حدوات الخيول (باستخدام أدوية خافضة لسكر الدم عن طريق الفم)، بل يحتاج إلى مزيد من الراحة، وتخفيف عبء العمل، والحصول على قسط كافٍ من الراحة.
في هذه المرحلة، أفضل طريقة هي استئجار حصان آخر (بإعطاءه أنسولينًا خارجيًا) لمشاركته جزءًا من عمله والقيام ببعض تمارين التعافي (مثل خفض سكر الدم، وتنظيم مستوى الدهون في الدم، وفقدان الوزن). بعد فترة من الراحة، إذا سارت الأمور على ما يرام، يمكن للحصان العودة إلى حالة عمل طبيعية نسبيًا (التحكم في سكر الدم من خلال النظام الغذائي وممارسة الرياضة فقط)، وإذا لم يكن كذلك، فإنه يحتاج فقط إلى نوع أو نوعين من أدوية خفض سكر الدم الفموية للتحكم في سكر الدم. الآن، إذا استخدمتَ عدة أدوية خفض سكر الدم عن طريق الفم بإكراه، فإن الأمر أشبه بإجبار الحصان على الركض بسرعة، مما يسبب ضررًا لا رجعة فيه.
بعد سماع هذا التشبيه، تقبّل السيد تشانغ خطة العلاج المكثف قصير الأمد بالأنسولين. بعد شهر، عندما عاد لزيارة المتابعة، انخفضت جرعة الأنسولين التي يتناولها بشكل ملحوظ مقارنةً بالبداية، ولأنه عزز تمارينه الرياضية وقلل من تناول الطعام، انخفض وزنه أيضًا بشكل ملحوظ. لذلك، تم إيقاف الأنسولين واستبداله بالميتفورمين للتحكم في سكر الدم. بعد شهرين، ولأن سكر الدم المُقاس لم يكن مرتفعًا، تم إيقاف الميتفورمين، ولم يكن سكر الدم المُقاس ذاتيًا مرتفعًا (سكر الدم الصائم). &لتر؛ 6.1 مليمول/لتر، نسبة السكر في الدم بعد الوجبة بساعتين &وبعد ثلاثة أشهر تم إعادة فحص الهيموجلوبين A1c وكان 6.1%، مما يعني الوصول إلى حالة من الهدوء السريري لمرض السكري.
الحالة الثانية: الميتفورمين الفموي بدلًا من حقن الأنسولين
تبين أن مستوى السكر في الدم أثناء الصيام لدى السيدة ليو بلغ 7.8 مليمول/لتر أثناء الفحص البدني في الوحدة وجاءت إلى المستشفى للتشاور.أظهرت الفحوصات الإضافية أن مستوى سكر الدم أثناء الصيام 8.2 مليمول/لتر، ومستوى سكر الدم بعد الوجبة بساعتين 10.0 مليمول/لتر، ومستوى الهيموجلوبين السكري التراكمي 7.5%. أظهر فحص البول الروتيني وجود سكر في البول، ومستوى ببتيد سي أثناء الصيام 0.4 مليمول/لتر. لم تكن وظائف الكبد والكلى طبيعية بشكل ملحوظ. لم تكن هناك أي أمراض خاصة سابقة.
بناءً على حالة السيدة ليو، كانت خطة العلاج المُقترحة هي تناول الميتفورمين 0.5 غرام فمويًا مرتين يوميًا. بعد سماع هذه الخطة، رفضت السيدة ليو وطلبت العلاج بالأنسولين لأنها سمعت من المحيطين بها أن الميتفورمين سيضر بالكلى، بينما الأنسولين ولم يكن له أي تأثير على الكبد والكلى وكان آمنًا جدًا.
بعد سماع طلب السيدة ليو، شرح لها الطبيب بصبر: لم يكن مستوى السكر في دمها مرتفعًا جدًا، ووظيفة جزرها جيدة. كان الحصان في جسدها متعبًا بعض الشيء، وطالما أنه يُغذّى (باستخدام أدوية خافضة للسكر)، يُمكنه أن يعمل بشكل طبيعي دون الحاجة إلى علاج بالأنسولين. على الرغم من أن الأنسولين ليس له آثار جانبية على الكبد والكلى، إلا أن تأثيره الخافض للسكر قوي جدًا، ويمكن أن يؤدي بسهولة إلى نقص السكر في الدم، وهو أكثر ضررًا لمرضى السكري من ارتفاعه. بالإضافة إلى ذلك، يُعزز الأنسولين تكوين الدهون ويزيد الوزن، لذلك لا يُنصح السيدة ليو باستخدام علاج الأنسولين.
يُعد الميتفورمين حاليًا دواءً عالميًا من الخط الأول لعلاج داء السكري من النوع الثاني، وهو لا يُسبب ضررًا للكلى. ويرجع اعتقاد الكثيرين بأن الميتفورمين يُسبب ضررًا للكلى في الغالب إلى اعتلال الكلية السكري الناتج عن ضعف التحكم في سكر الدم، ولا يُمكن إرجاع السبب إلى استخدام الميتفورمين.
أفضل دواء هو الذي يناسبك
يختلف مرضى السكري في حالتهم الصحية ويحتاجون إلى خطط علاجية مختلفة. ينبغي وضع خطط علاج شخصية تناسب كل حالة. وكما هو الحال مع المريضين المذكورين أعلاه، فرغم صغر سن السيد تشانغ، إلا أن مستوى السكر في دمه مرتفع جدًا ولا يمكنه استخدام أدوية خفض السكر مؤقتًا، لذا فهو بحاجة إلى علاج قصير الأمد. الأنسولين علاج مكثف، والنتيجة ممتازة. في النهاية، يستطيع ضبط مستوى السكر في الدم باتباع نظام غذائي وممارسة الرياضة فقط، ليصل إلى حالة شفاء سريري من السكري.
السيدة ليو، بما أن مستوى سكر الدم لديها ليس مرتفعًا، يمكنها التحكم به بتناول دواء خافض لسكر الدم عن طريق الفم. إذا استطاعت تقوية التمارين الرياضية وفقدان الوزن، فقد تصل إلى مرحلة هدأة سريرية. ما يناسبها هو الأنسب. يُرجى عدم اتباع الآخرين دون وعي، ولا تذهب إلى الصيدلية لشراء الأدوية التي يصفها الآخرون. إذا كنت تعاني من مشاكل ارتفاع سكر الدم، يُرجى استشارة طبيب الغدد الصماء في أقرب وقت ممكن. كلما كان العلاج مبكرًا، كانت النتيجة أفضل.